الجمعة، 24 سبتمبر 2010

ألفة وتعارف

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الأستاذ سعيد إسماعيل عمر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

فإنها نعم السُنَّة التي أقمناها ـ والتي أتمنى من الله ألا تنقطع ـ هي المراسلة .. أو كما أسميها أنا التواصل الفكري والتمازج الشعوري ..

أخي سعيد .. ما رزق المرء في دنياه خيرا من أخ صالح وصديق تقي يبصره ويرشده ويعلمه .. فترتاح به نفسه من تعب .. وتأنس به روحه من وحشة .. ويلذ به قلبه من هجران .. 

أخي سعيد .. احفظ كلماتي إليك .. وسأحفظ كلماتك التي لعلها تكون نبراسا طيبا لأدباء أخلصوا لما ينتمون .. وصدقوا الله فيما يفعلون ..

أخي سعيد .. لقد بعثت إلي في رسالتك السابقة ما نصه:
"بسم الله الذي خلق الأرواح بقدرته .. والف بينها بحكمته .. فتعانقت، وتمازجت، ثم فاضت جدولا متهاديا ..."
هذا نص ما كتبت كما كتبت ..

واسمح لي أخي أن أتناقش معك في بعض ما كتبت وأشرح لك رأيي في معاني ما قد قيدت بالكتابة ..

لقد قلت سيدي وعبرت بلفظة: "وألف بينها بحكمته ..." واسمح أن أبين لك:

أن الفعل "ألف" لا يكون مع الأرواح وإنما الأرواح لها "فعل" آخر غيره .. فإنما جعلت الألفة للقلوب دون الأرواح كما يقول تعالى: 

"وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم" ( الأنفال 63).

فتكرار لفظ فعل "ألف" ثلاث مرات في الآية إنما يؤكد أن حقيقة الألفة مع القلوب لا غيرها ..

أما الأرواح فإنها إما تتعارف وإما تتناكر .. كما في قوله صلى الله عليه وسلم:
"الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"
فالتعارف والتناكر منزلة دون منزلة الألفة .. والألفة تتبعها في تعارف لا شك يأتلف .. وما تناكر لا محالة يختلف .. كما قال صلى الله عليه وسلم:
"استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".
فجعل الاختلاف في الرأي يؤدي إلى اختلاف القلوب ..

أخي سعيد أردت من هذه اللفتة أن أغوص معك في بطون المعاني .. وأسبح معك خلف غيامات الألفاظ .. وأحلق معك في سماء الفكر الحي .. فاقبل مني مادة ما كتبت ..

أخي سعيد .. أنتظر ردك بحرقة وحرارة فاحتفظ بما كتبت إليك .. وأقترح أن يصور كل منا نسخة مما كتب ويحفظها عنده حتى لا تضيع ..

أراك على خير .. وجزا الله أخانا محمد رمزي حامل الرسالة خير الجزاء .. فإنه نعم الأخ .. وفي طبعه .. نقي سريرته .. تقي خلقه .. نقي فؤاده .. ولا نزكي على الله أحدا ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السيد النحراوي
الثلاثاء
3 / 4 / 2001
9 من شهر المحرم 1422 هـ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق