الجمعة، 24 سبتمبر 2010

عاشق الأوهام

بنيت القصــر فلم تسكنيــــــــه
كتبت الشعر فلم تقرأيـــــــه
رويــت الرياض بمــــاء الوداد 
فشاب الزهر ولم تقطفيـــــه 
أنا من هويتك حتى سكنــــــت  
في مقلتيــــك فلم تمنعيــــــه 
 أنا من بكيتك حتى انتهيـــــت
فهل في عيونك ما تذرفيـــه 
 صنعت بدمعــي نهرا عظيمــا
يشكــــو إليك فلم توقفيــــــه 
 غرق الفؤاد بنهـــــر الدمــوع
نادى عليك فلــــم تنقذيــــــه 
 عمري يئن كوتر حزيـــــــــن
شئت بصدك أن تقطعيــــــه 
 كأن الصدود شــراب لديــــــك
شاءت عيونك أن أرتويــــه 
 أنا من سكنت صـروح الخيال
فخـــر الخيال على ساكنيــه 
 فأين السراب الذي كان يومـــا
يغازل دربـــي ولا أحتويــه 
 وأين الضياء الذي كان دومـــا
يزيد العيون شرودا وتيـــــه 
 فلا بضياء الحبيب اهتديـــــت
ولا بظــلام النوى أقتفيـــــه 
 أعيدي زمان الخيال فإنـــــــي
عشقتك وهما كــم أشتهيــــه 
 أعيدي زمانا فيه ارتضيــــــت
جفاء الحبيب ومن يرتضيـه 
 أعيدي زمانا فيه انتبهـــــــــت
لدرب الخداع فأسرعت فيـه 
 فعشقك ليس سبيـــــــلا إليـــك
ولكن ضلال لمن يبتغيــــــه

سعيد عمر 
2 / 10 / 2000

أصبحت ملهمتي

أمعنت في عينيك فانكشف الدجــى
وتهيجت من سحــرها أشجانـي
ورحـــــلت أبحث فيهما متعطشـــا 
عن غنوتي وصــــبابتي وبيانـي 
 فأخــــــذت أنهل منهما مستعـــذبا
حتى طربت وغردت ألحـــاني 
 فإذا القــوافي قد تناهى حسنــــها
تنســــاب نهرا هائم الجــــريان 
 وتدفق القلب الشجـــي جــــداولا
تروي ظما الأحواض والوديان 
 هذا غــــنائـي قد تردد في الربــا
تشــــدو به الأطيار في الأكوان 
 يا سلوة جـــاد الزمـان بحسنـــها
فنسيــــت ما لاقيت من حرمان 
 قد كنـــت قبلك عاشقا لعبـــت به
أوهـــامه .. حــب بلا خفقــان 
 قد كنت قبلك حاكما سخـــرت به
أيامــــه .. مــلك بلا سلطـــان 
 قد كنـــت قبلك شـــاعرا ألقت به
أحزانه في مسبـــح الحيتـــــان 
 قد كنت قبلك فارســــا غدرت به
أحــلامه واغتيل في الميــــدان 
 جبـــت المدائن باحثا عن غنـــوة
فلطـــالما حلمــــت بها أوزاني 
 ورجعت من زمن الدمامـة يائسا
ونعيــــق بوم الليــل في آذانــي 
 الأرض قد صارت ظلاما دامسا
القبــــح فيها شـــــاهني وبراني 
 وظننـــت أن الفجــر ودع مقلتي
والليل قد نســجت به أجفــــاني 
 وإذا بضــوء من عيونك لاح لي
وإذا بهمســــك رق لي ودعاني 
 فوجـــدت أنغام الزمان تجمعــت
وترنمــــت في تلكمـــا العينــان 
 والآن يا ضوء الرجـاء وفرحتي
وقصيدتـي وقيثارتــــي وبنانــي 
 لو أنني استلهمـــت لحنا واحــدا
من ناظريك الســـاحرين كفانـي 


سعيد عمر
25 / 7 / 2006

الجندل الرابع والعشرون

في مثل هذه اللحظات من العام الماضي كتبت قائلا:

"لقد ألقى بي الشلال من فوق الجندل الثالث والعشرين ليدفعني التيار سائرا بي إلى جندل جديد ..."
وقلت ساعتها بأن هذه العبارة تكفي وحدها كصورة لكل من أراد أن يتعرف على تاريخي!!

والآن .. وبعد أن ألقى بي الشلال من فوق الجندل الرابع والعشرين، فإنني أتساءل: كم بقي من الجنادل أمامي في مجرى النهر؟

آه أيها النهر الطويل الجامح .. هلا هدأت .. أو انتهيت !!


سعيد عمر
الثانية عشرة والنصف
من منتصف ليل السبت
16 / 3 / 2001
من المنطلق

خلفي لموعدكم

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي/ أ. سعيد إسماعيل عمر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بلغني أن سيادتكم قد آلمكم خلفي لموعدكم، وانتقاصي لحق من حقوقكم .. ولقد أبلغني من أبلغني ـ فإن صدق من أبلغني ـ قولكم بالنص:
"بأن السيد نزل من نظري" أو "نقص في نظري"
لست أعرف سيدي ما الذي حدث فجعل ما كان كبيرا يصغر .. وما كان مكتملا عندك ينقص .. خلفي لموعدكم هذا الذي حدث، فيا ترى أحدث كبير أم حدث صغير هو؟!

كي أحكم على الحدث لا بد من معرفة حدوده كي أقيمه بحجمه .. ومن ثم أقدر ما قد يترتب عليه .. ولأنك لم تعرف ما الذي حدث، فإنك لن تستطيع أن تقدر حجمه .. وبالتالي فمن الخطا الحكم على (ظاهرة) غير واضحة المعالم ... هذه واحدة!!

الثانية سيدي، سعيد:
كنت أظن ـ والحمد لله أنني لم أوقن وإلا كان من الممكن أن يضيع عندك يقيني ـ أن المعاني ثرية في ذاتها .. ثرية في أضدادها .. ما لم تقم بذاتها .. ومعنى هذا: أن شعور الضيق النفسي قد أصابك حين تركتك وانصرفت .. هذا معنى ..

وكان أولى أن تمزج هذا بهذه .. أي بالعفو منك لما بدر مني .. فيقابل شعور العفو منك لي، الغضب مني لك .. فغن الذي أوقن منه أننا نتعامل في حدود المعاني قبل الأحداث .. والشعور الحي المتدافع قبل النمطية الحياتية السقيمة.

سيدي، سعيد .. لا يحزننك أن قد كنت صغيرا في هذه .. فقد أسعدني كبرك فيها .. ولا يؤلمنك كوني تقازمت ـ إن كان التقزم حينئذ بيدي ـ فقد يطمئنني لو تكون فيها تعاظمت ..

أخي سعيد ..
يريد بعض الزملاء في عين شمس ترجمة كتاب كامل مقسم على سبعة من الأفراد .. أرجوك أخبرني بثمن ترجمة كل صفحة .. وهل تترجم الصفحة العربي أم تحسب على الصفحة E .. هذه فرصة فأرجو ان تخفض لهم بقدر الإمكان .. 

أخي سعيد ..
أستودعك الله على أمل اللقاء بك ..
واعلم أني أحبك في الله.
والسلام


السيد النحراوي
الاثنين
26 / 3 / 2001

ألفة وتعارف

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الأستاذ سعيد إسماعيل عمر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

فإنها نعم السُنَّة التي أقمناها ـ والتي أتمنى من الله ألا تنقطع ـ هي المراسلة .. أو كما أسميها أنا التواصل الفكري والتمازج الشعوري ..

أخي سعيد .. ما رزق المرء في دنياه خيرا من أخ صالح وصديق تقي يبصره ويرشده ويعلمه .. فترتاح به نفسه من تعب .. وتأنس به روحه من وحشة .. ويلذ به قلبه من هجران .. 

أخي سعيد .. احفظ كلماتي إليك .. وسأحفظ كلماتك التي لعلها تكون نبراسا طيبا لأدباء أخلصوا لما ينتمون .. وصدقوا الله فيما يفعلون ..

أخي سعيد .. لقد بعثت إلي في رسالتك السابقة ما نصه:
"بسم الله الذي خلق الأرواح بقدرته .. والف بينها بحكمته .. فتعانقت، وتمازجت، ثم فاضت جدولا متهاديا ..."
هذا نص ما كتبت كما كتبت ..

واسمح لي أخي أن أتناقش معك في بعض ما كتبت وأشرح لك رأيي في معاني ما قد قيدت بالكتابة ..

لقد قلت سيدي وعبرت بلفظة: "وألف بينها بحكمته ..." واسمح أن أبين لك:

أن الفعل "ألف" لا يكون مع الأرواح وإنما الأرواح لها "فعل" آخر غيره .. فإنما جعلت الألفة للقلوب دون الأرواح كما يقول تعالى: 

"وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم" ( الأنفال 63).

فتكرار لفظ فعل "ألف" ثلاث مرات في الآية إنما يؤكد أن حقيقة الألفة مع القلوب لا غيرها ..

أما الأرواح فإنها إما تتعارف وإما تتناكر .. كما في قوله صلى الله عليه وسلم:
"الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"
فالتعارف والتناكر منزلة دون منزلة الألفة .. والألفة تتبعها في تعارف لا شك يأتلف .. وما تناكر لا محالة يختلف .. كما قال صلى الله عليه وسلم:
"استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".
فجعل الاختلاف في الرأي يؤدي إلى اختلاف القلوب ..

أخي سعيد أردت من هذه اللفتة أن أغوص معك في بطون المعاني .. وأسبح معك خلف غيامات الألفاظ .. وأحلق معك في سماء الفكر الحي .. فاقبل مني مادة ما كتبت ..

أخي سعيد .. أنتظر ردك بحرقة وحرارة فاحتفظ بما كتبت إليك .. وأقترح أن يصور كل منا نسخة مما كتب ويحفظها عنده حتى لا تضيع ..

أراك على خير .. وجزا الله أخانا محمد رمزي حامل الرسالة خير الجزاء .. فإنه نعم الأخ .. وفي طبعه .. نقي سريرته .. تقي خلقه .. نقي فؤاده .. ولا نزكي على الله أحدا ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


السيد النحراوي
الثلاثاء
3 / 4 / 2001
9 من شهر المحرم 1422 هـ 

الخوف من الضياء

بسم الله الذي لا إله غيره .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد ..

أما وقد دفعت بي الحياة إلى تلك النقطة الغريبة .. في ذلك الدرب الغريب .. حيث أصبح الماضي تلالا من جليد تسبح في بحور الذكريات .. تذوب شيئا فشيئا كلما اشتد الخناق .. حتى كادت أن تتلاشى حين انقطع رسول الحب .. وحلق الوحي وأجدب الخيال .. صارت تلك التلال طلولا من بلور صغير ناصع مغمور تحت جناح الموج .. يتألق حين يلوح القمر.. لا أذكر أن البلور تألق منذ سنين .. فسمائي ما عادت تذكر وجه الأقمار .. قد ملأت بغمام أسود .. والقلب المحزون تعود .. أن يفجع باللون الأسود ..

لا أذكر أنني يوما رايت الضياء .. هذا الضياء الذي كان في يوم رجاء .. أمل يبلغني الحقيقة والسعادة والصفاء .. قد صار في يوم وليلة خطر يناصبني العداء .. بعد أن كان الضياء دليل عيني، وقبلة روحي، وانتفاضة خاطري، ومنى قلبي، صار الآن عدوي الوحيد .. تلك هي سخرية القدر ..

لقد أصبح شعاع واحد من الضوء، بل فوتون واحد، كفيل بأن يوقعني في مشكلة كبرى .. وبعد أن كنت أبحث عن أهداب النور .. أصبحت الآن حريص كل الحرص على إسدال سجف الظلام .. صارت حياتي ظلام في ظلام .. أخشى من النور كما لو كان الموت .. كما لو كان "الورشة" التي كنت أفضل الموت على المرور عليها ليلا وانا صغير .. أصبحت لا أعمل إلا في الظلام .. أصبحت أحب الظلام .. أصبحت أكره النور.. حتى صرت الآن خلف الستائر السوداء .. لا أذكر أني يوما رايت البلور الطافي فوق بحور الماضي .. يتألق حين يطل القمر ..

أنا الذي كنت في يوم طليقا .. عصفورا رأى أن السماء بلاده .. ملك على كل أشجار الدنيا .. يقيم عشه على ايها شاء .. ومتى شاء .. وكيفما شاء .. صرت الآن حبيس جدار من الزجاج .. أرى عصافير الدنيا من خلاله تحلق مغردة لحن الحرية .. وانا لا استطيع الانضمام إليها .. أو حتى مشاركتها في الغناء .. خلف هذا الجدار الزجاجي ما عدت أعرف كيف أغني .. اختنق اللحن في ذاكرتي .. فمات .. وماتت ذاكرتي حزنا عليه ..

في هذه النقطة الغريبة .. على هذا الدرب الغريب .. أشعر وكأني ورقة سقطت .. من غصن ما عدت أذكر شجرته .. ما زالت تسقط .. تسقط .. كلما نظرت أمامها لا ترى إلا بئرا سحيقا مليء بالظلام الذي يفيض على جنباته .. هي لا تملك إلا أن تسقط ..

هل ذاك مصير الوهم الشارد الذي يطلقون عليه الحلم .. أنا الذي اتخذت أحلامي من النجوم قصورا .. ومن الشمس سوارا .. ومن القمر إزارا .. أنا الذي كانت أحلامي لا تعرف إلا العلا .. والصعود .. خدعتن وانحدرت صرعى في سبيل للسقوط ..

في هذه النقطة الغريبة .. على هذا الدرب الغريب .. درب السقوط .. درب الظلام .. أتحسس قلمي .. أين أنت يا قلمي .. أين أنت .. لا أذكر أين تركتك آخر مرة .. ومتى كانت تلك المرة .. لست أدري .. ما أشد حاجتي إليك الآن .. فلعل أفضل ما أواسي نفسي به الآن هو أن أدون ذكريات السقوط .. فتون السلوى لفؤاد أضناه النواح على أطلال ما عاد يذكرها .. فلتهنأ يا فؤادي بكاء كلما خط اليراع مشهدا من مشاهد السقوط .. ولتسعد يا قلمي أنينا كلما درجت جبين الورقة الخجولة بدموعك الغزار.


سعيد عمر
15 / 11 / 2000